تفاصيــل الخبـر

حياة الجحيم في معتقلات الموت الإسرائيلية

في أكثر معاقل الإجرام قهراً، على أشدّ بقاع الأرض تعرضاً للظلم، يقبع أكثر من 10800 إنسان، في مراكز احتجاز لا تشبه تجربة العيش فيها شيئاً سوى الحياة في الجحيم نفسه، أرواح لرجال ونساء وأطفال، أودعوا زوراً ما يسمّى ب"السجن"، لكنه أقرب إلى قبر لا يلاقي صاحبه حتفه، وفي حضرة منظومة متكاملة من الإجرام، لا تعرف أيامهم الراحة، ولا تبصر عيونهم النور، يواجهون آلة قمع وحشية تمارس عليهم -بوعي وإصرار- الضرب والإذلال والتجويع والتعذيب النفسي والإهمال الطبي، وتعرض نفسها على هيئة دولة، تدعي الديمقراطية والإنسانية.

 سجن "عوفر": مختبر القمع النفسي والجسدي

يتصدر سجن عوفر قائمة المعتقلات التي تشهد تصعيداً ممنهجاً في الاستهداف النفسي للأسرى، وهناك، تطبق عليهم سياسات الحرمان من أبسط مقومات الحياة، ويتعرضون لإرهاق ممنهج هدفه التسبب بانهيار نفسي وصحي، من خلال شح الطعام وسوئه، وانعدام النظافة، والاكتظاظ الخانق، والحرمان المتعمد من العلاج، وفوق كل ذلك تتكرر الاقتحامات المفاجئة لغرف الزنازين، باستخدام الكلاب البوليسية وقنابل الصوت، تاركة خلفها إصابات جسدية خطيرة على أجساد الأسرى، وعلى نفوسهم اضطرابات نفسية حادة تصل حد الصدمة.

 سجن "جلبوع": الصعق الكهربائي روتين يومي

في سجن جلبوع تفوق السجانون على أكثر المعتقلات وحشية، حيث رصدت مؤخرا عمليات التعذيب الواسعة باستخدام الصعق بالكهرباء، وليس فقط كأداة مقيدة الاستخدام أثناء التحقيق، بل كإجراء روتيني يتكرر كلما شاء السجان يقيد الأسرى ويساقون إلى ساحة "الفورة"، لتنهال عليهم الضربات المصحوبة برش الماء عليهم وتبليلهم، قبل أن يقوموا بصعقهم بمسدسات كهربائية، ما يسبب لهم فقدان الوعي وجروحاً غائرة.

إلى جانب ذلك كله، يحرم الأسرى من الطعام الكافي، وتفرض إدارة السجن أدوات طعام بلاستيكية غير نظيفة، في بيئة موبوءة، وغياب تام للرعاية الطبية.

 سجن "مجدو": مركز الجوع والجرب

في سجن يفتقر لأدنى مقومات النظافة الآدمية، بدأت تظهر بعض الحالات لمرض الجرب (السكابيوس)، وكانت تلك الإشارة وسيلة تعذيب جديدة، وجدها السجانون على طبق من فضة، فعملوا على مفاقمة الوضع، وزيادة سوئه، وبعد أشهر كان الأسرى يعانون التهابات جلدية شديدة، وآلاماً مبرحة، ومن بينهم أطفال، وسط امتناع متعمد عن تقديم العلاج، وتم تعزيز حالة العذاب تلك بسياسة التجويع، حيث كميات الطعام الشحيحة، ورداءة نوعيته، حتى أصبح فقدان الوزن وهزال الأجساد سمتاً عاماً هناك.

 سجن "النقب": صحراء العزل الموحشة

في سجن النقب الصحراوي، حيث تكفي البيئة وحدها كأداة للتعذيب، يزيد إجرام السجانين بتعريض الأسرى للضرب المبرح في روتين القمع المتكرر، ورصدت هناك حوادث تعذيب بإطفاء السجائر في أجسادهم، وإطلاق الرصاص المطاطي عليهم خلال اقتحامات الزنازين، بل وزاد الأمر إلى حدّ الاعتداءات الجنسية، التي تم تسجيل حالات وحشية من التعرض لها، إلى جانب سياسة الجوع المزمن، والحرمان من العلاج، مما يجعل سجن النقب خارجاً عن تصنيفه كبيئة اعتقال، وحاملاً لقب لمعسكر للتعذيب الجماعي.

 سجن "جانوت": مسميات متنوعة للعزلة عن العالم

عرف هذا السجن بعدة أسماء سابقاً، منها: نفحة، وريمون، لكن اختلاف المسميات لم يغير من واقع المكان البغيض، فهذا السجن يشهد عمليات قمع جسدي ولفظي متكررة، وتفتيشات يومية، وتُفرض فيه قيود صارمة على زيارات المحامين، إضافة إلى العزل الانفرادي المديد، وحرمان شبه كامل من التواصل مع العالم الخارجي، بهدف تعطيل أية فرصة للدفاع القانوني عنهم.

 سجن الدامون : جحيم مخصص للنساء

فوق ما يعانيه الأسرى جميعهم من ذل وعذاب، تقاسي الأسيرات الفلسطينيات في سجن الدامون انتهاكات مركبة، تتمثل في التفتيش العاري المهين عند الاعتقال ومع كل تنقل، الذي ترافقه ألفاظ بذيئة وتهديدات بالاغتصاب، ويتعرضن كذلك للضرب والسحل ومصادرة الأغراض الشخصية بما في ذلك الحجاب،إضافة إلى التقييد بالسلاسل أثناء العلاج حتى للحوامل والمريضات، بل وربط بعضهن بالكلاب البوليسية، رغم أن حالات العلاج تلك نادرة في ظل الإهمال الطبي المتعمد، وفوق ذلك يتم يحرمن الخصوصية، بوجود كاميرات في الزنازين، وأبواب مفتوحة للحمامات! ولا يكتفي السجانون بذلك، بل ينتهجون تعذيباً نفسياً ممنهجاً عبر منع أخبار الأهل، عن الأبناء والحرمان من الزيارات، بل ومنع الصور .

في معتقلات الموت الإسرائيلية، تمارس دولة بكامل هيئاتها وسياساتها، إجراماً منظماً، وانتهاكاً منتظماً لكل أعراف الإنسانية، بعيداً عن أعين العالم، وعن يد العدالة.

أخبار مشابهة